مع نهاية عام 2008 أوكما يطلق عليه عام الأزمة المالية لما يحمله بين طياته من أزمات وكوارث اقتصادية حيث تعرضت البورصات العالمية لانهيارات عنيفة ثم بدأت الأحداث في التصاعد وتعرض الاقتصاد العالمي للعديد من الهزات العنيفة التي كانت تنذربأن هناك كارثة كبرى في الطريق؛ إلا أن ردود الأفعال لم تكن بقدر جسامة الأحداث وكأن أحداً لم يكن يتوقع أن الطامة الكبرى قادمة لا محالة .
بدأت بوادر الأزمة المالية العالمية - والتى ضربت قاطرة الاقتصاد الأمريكي والعالمي – بالظهور خلال عام 2007 لكن يعتبر يوم 15 سبتمبر من عام 2008 هو يوم مفترق الطرق ويوم الحسم بالنسبة للاقتصاد العالمي والذى سمع فيه دوي سقوط برجين من أبراج الاقتصاد الأمريكي، وهما بنكا ليمان براذرز"رابع أكبر بنك أمريكي” عندما أعلن إفلاسه وكذلك أكبر بنوك الأعمال في وول ستريت "ميريل لينش" عندما قام بنك أوف أمريكا بشرائه ثم تلاحقت الأحداث تباعاً ليدخل العالم مرحلة من انعدام التوازن اقتصادياً، ولمواجهة ذلك تباينت خطط الإنقاذ ما بين ضخ السيولة وتخفيض أسعارالفائدة وشراء الأصول بهدف إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
"جليل طريف".. أداء إيجابى للبورصة الأردنية
وعلى الرغم من كافة المشاكل الذى عاناها الاقتصاد العالمى والتي أثرت على كافة الأسواق المالية الدولية إلا أن بورصة عمان قد تمكنت خلال العام 2008 من تحقيق مؤشرات إيجابية وذلك حسب صرح " جليل طريف" - المدير التنفيذى لبورصة عمان - حيث حافظ الاستثمار الأجنبي في البورصة على نفس الوتيرة المتصاعدة وحقق خلال العام 2008 زيادة إيجابية، وهذا مؤشر على الاهتمام المتزايد في بورصة عمان من قبل المستثمرين غيرالأردنيين، كما ارتفعت أحجام التداول وعدد الأسهم المتداولة وعدد العقود المنفذة في البورصة، إضافة لذلك فقد شهدت أرباح الشركات المساهمة العامة ارتفاعاً في أرباحها، وذلك خلال الثلاثة أرباع الأولى من العام.
وأضاف طريف بأن القيمة السوقية للأسهم المدرجة في بورصة عمان قد وصلت بنهاية العام الحالي إلى 25.4 مليار دينار أي بانخفاض نسبته 13% مقارنةً مع نهاية عام 2007 ولتشكل مـا نسبتــه 226% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي من النسب المرتفعة على المستوى العالمي والتي تعكس الأهمية النسبية لبورصة عمان في الاقتصاد الوطني.
القيمة السوقية تتراجع بنسبة 17%.. والبورصة الأردنية من الأقل تأثراً عربياً
وتشير البيانات الإحصائية لعام 2008 والتي شهدت يوم أمس آخر أيام التداول بعام 2008، إلى أن المؤشر العام لأسعار الأسهم المرجح بالأسهم الحرة المتاحة للتداول قد أغلق لعام 2008 عند 2758 نقطة مقارنةً مع إغلاق العام السابق والبالغ 3675 نقطة، ليفقد المؤشر خلال عام 2008 مامقداره 917 نقطة وبانخفاض نسبته 24.9%، وعن الرقم القياسي العام لأسعارالأسهم المرجح بالقيمة السوقية في بورصة عمان فقد أغلق عند 6243 نقطة مقارنةً مع 7519 نقطة بنهاية عام 2007، أي بانخفاض نسبته 17.0%، وعلى الرغم من هذا التراجع بأسعار الأسهم خلال العام الحالي إلا أن بورصة عمان تعتبر من البورصات العربية الأقل تأثراً بالأزمة المالية العالمية حيث تراجعت أسعار الأسهم في معظم البورصات العربية والدولية بنسب أعلى من بورصة عمان.
الأسهم الأردنية ترتفع بنسبة 30% خلال النصف الأول من 2008
والجدير بالذكر بأن أسعار الأسهم في بورصة عمان كانت قد ارتفعت خلال النصف الأول من العام 2008 بما نسبته 30% وسجل الرقم القياسي لأسعارالأسهم أعلى مستوى في تاريخه ويعزى ذلك الارتفاع بشكل أساسي إلى الارتفاع في أسعار اسهم بعض الشركات الصناعية والتي تمتاز باستخراج المواد الأولية والتي تأثرت أسعار أسهمها بالارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار هذه المواد عالمياً والذي بدوره ساهم في زيادة أرباح هذه الشركات مما زاد الطلب على اسهم هذه الشركات من قبل المستثمرين. كما ارتفعت أسعار أسهم عدد من الشركات من قطاعات أخرى والتي شهدت أسعار منتجاتها ارتفاعاً كبيراً.
هذا وقد أظهرت مؤشرات أداء البورصة إلى أن حجم التداول قد بلغ خلال عام 2008 20.3 مليار دينار أي بارتفاع نسبته 65% مقارنة مع العام الماضي، وارتفع عدد الأسهم المتداولة بنسبة 22% مقارنةً مع العام 2007 ليصل إلى 5.4 مليار سهم، وصاحب هذا الارتفاع في حجم التداول وفي عدد الأسهم المتداولة ارتفاع بعدد العقود المنفذة ليصـــل إلى حوالي 3.8 مليون عقد بارتفاع نسبته 9% عن العام السابق، فيما ارتفع معدل دوران الأسهم في البورصة إلى 91.5% مقارنةً مع 91.2% لعام 2007، كما ارتفع عدد الشركات المدرجة في البورصة إلى 262 شركة مقارنةً بـ 245 شركة بنهاية عام 2007.
أداء القطاعات
وعلى مستوى أداء القطاعات، فقد انخفض مؤشر القطاع المالي لأسعارالأسهم بنسبة 29.7% ولقطاع الخدمات بما نسبته 17.7%، ولقطاع الصناعة بنسبة 11.7%، ومما يذكر بأن القطاعات الفرعية شهدت تراجعاً في أسعار أسهمها باستثناء قطاعي الأغذية والمشروبات، والصناعات الاستخراجية والتعدينية اللذان ارتفعا بنسبة 7.5% و 1.6% على التوالي، وقد كان قطاعي العقارات، والخدمات المالية المتنوعة الأكثر انخفاضا حيث تراجعت أسعارالأسهم فيها بنسبة 50.4% و 47.6% على الترتيب.
كما ارتفع صافي استثمارات غير الأردنيين في بورصة عمان خلال العام 2008 بمقدار 310 مليون دينار، مقارنةً مع ارتفاع بقيمة 466 مليون دينار لعام 2007، كما ارتفعت نسبة ملكية غيرالأردنيين في بورصة عمان في نهاية شهر تشرين ثاني 2008 لتصل إلى 49.4% مقارنةً مع 48.9% بنهاية العام 2007.
وقد أظهرت النتائج ربع السنوية للشركات المساهمة العامة ارتفاع في الأرباح قبل الضريبة للشركات المدرجة في السوق الأول في البورصة للشهورالتسعة الأولى من عام 2008 بنسبة 37.8% مقارنةً مع نفس الفترة من العام 2007، حيث وصلت هذه الأرباح إلى 1610 مليون دينار مقارنةً مع 1168 مليون دينار.
وبذلك انتهى عام 2008 بإيجابياته وسلبياته وبكل مافيه من أزمات وانتكاسات اقتصادية أثرت على كافة اقتصاديات العالم وجعلت منه عاماً أسوداًعلى الاقتصاد العالمى ليعيد ذكريات الأزمة الاقتصادية عام 1929، ,إلا أن العالم أجمع يعول كثيراً أن يأتى عام 2009 بحلولاً تؤتى ثمارها وتنقذ الاقتصاد العالمى من كبوته .